وظيفة معطلة

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

ويليام-أدولف بوغيرو ... William-Adolphe Bouguereau


ويليام أدولف بوغيرو ( 1825 - 1905 ) رسام أكاديمي فرنسي من مدينة لا روشيل الفرنسية، تمكن بلوحاته من بناء عالم كامل مثالي، وتميزت لوحاته بتقنياته التي أظهر من خلالها تأثرا بالواقعية، هذا غير اختياره لأسلوبه الذي كان مشهورا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، اشتهر بلوحاته الواقعية الانطباعية الكلاسيكية التي صور فيها المواضيع الأسطورية والدينية والتاريخية والتعبيرية،  خلال حياته نال شهرة واسعة وصلت به إلى العالمية وحاز العديد من الجوائز والأوسمة التي كانت من أهمها جائزة روما وأوسمة جوقة الشرف.


🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨

ولد ويليام أدولف بوغيرو في مدينة لاروشيل الفرنسية في 30\11\1825م، وهو ابن لعائلة تجار النبيذ، بدا مصيره محددا في أن يساعد في أعمال عائلته حتى قبل ولادته، لكن تدخل عمه الكاهن يوجين بوغيرو غير كل هذا، وكان ذلك حين قام والداه بإرساله للعيش عند عمه بعد أن ساءت أوضاع العائلة الاقتصادية، فعلمه الكلاسيكيات واللاتينية والكتاب المقدس، كما علمه الصيد وركوب الخيل، ورتب لدراسته في مدرسة يون الدينية، فدرس فيها الأساطير اليونانية وأشعار أوفيد وورغيليوس، وتعلم فيها الرسم على يد لوي ساج.



بعد عامين من دراسته انتقل بوغيرو للعيش في بوردو مع والديه مجددا، حيث أسس والده عملا جديدا لتجارة النبيذ وزيت الزيتون، وقد أقنع بعض العملاء والده بإرساله إلى الثانوية نظرا لموهبته الفنية، وبما أنه يعلم أن التجارة لا تحمل ذلك المستقبل المشرق لابنه أرسله إلى المدرسة المحلية للرسم والتصوير في بوردو، ودرس عند جان بول ألو، وقد أظهر تطورا سريعا في التعلم وبعد عامين تمكن من الفوز بالجائزة الأولى في مدرسته لأفضل لوحة تاريخية حيث رسم لوحة للقديس روش، ولكسب المزيد من المال قام بتصميم ملصقات للمربى والمعلبات. 



ومن خلال عمه حصل على عمولة عبر رسمه لوحات الأبرشية، إضافة لما يحصل عليه من عمله، وعندما أصبح يملك المبلغ الكافي للسفر اتجه إلى باريس وأصبح طالبا في مدرسة الفنون الجميلة، لإكمال تدريبه وتعلمه في الرسم، إضافة إلى أنه أبدى اهتماما بالتشريح ودرسه بالتفصيل لتعزيز مهاراته في الرسم التشريحي كما درس علم الآثار والأزياء التاريخية، وتم قبوله في استديو فرانسوا-إدوارد بيكو، حيث درس الرسم الأكاديمي وقد حاول معلمه فرانسوا-إدوارد بيكو أن يجعله فنانا أكاديميا بالكامل. 



التحاقه بالمدرسة جعله يمتلئ حماسا كما قال، رغم أن الوضع لم يعد كما في السابق فساعات الدراسة زادت لتصل لما يقارب العشرين ساعة يوميا بعد أن كانت ساعتين فقط في مدرسته السابقة، لم يكن يحظى بالكثير من الوقت للنوم أو الطعام، إلا أنه درس جيدا وأظهر تقدما واضحا وسريعا، وفي عام 1850م شارك في مسابقة جائزة روما وحصل على المركز الأول بلوحته 
" Zenobia Found by Shepherds on the Banks of the Araxes " 
وكانت مكافأته إقامة في فيلا ميديسي الواقعة في روما، إضافة إلى إلى تلقيه دروسا رسمية عن فناني عصر النهضة وروائعهم، الجدير بالذكر هو أن هذه لم تكن مشاركته الأولى في مسابقة جائزة روما وإنما كانت الثالثة، ففي المرة الأولى لمشاركته تعادل مع منافسه الفنان غوستاف بولنجيه وحصل كلاهما على جائزة المركز الثاني، وفي 1849م كانت مشاركته الثانية وبعد 106 أيام من المنافسة فشل ولم ينل أي جائزة ، في حين كان منافسه غوستاف بولنجيه قد حاز على المركز الأول، ثم شارك للمرة الثالثة ولم يسمع بنبأ فوزه بالجائزة الأولى إلا بعد خمسة أشهر من ذلك، وبدأت رحلته إلى إيطاليا مع نخبة من الفنانين، وكان ذلك في كانون الأول ووصل أخيرا إلى فيلا ميديسي في كانون الثاني في عام 1851م.

خلال إقامته في إيطاليا زار مدينة توسكانا، ودرس عن القطع الفنية في أومبريا وأعجب بمدينة أسيزي فيها، وبصور الفنان الإيطالي الفلورنسي جوتو دي بوندوني الموجودة في بازيليك القديس فرنسيس الأسيزي المتمثلة بصورة على الجبس وهو ما يعرف بالنحت اليوناني أو التصوير الجبسي، وقاده إعجابه بها إلى نسخها بالكامل، كما أعجبته جداريات بومبي، وأبدى اهتماما كبيرا بأعمال الرسام والمهندس الإيطالي رفانيلو سانزيو دا أوربينو ( رفائيل ) كذلك كانت أعمال ليوناردو دا فينشي ومايكل أنجلو وتيزيانو فيليسزو ( تيتيان ) وبيتر بالو روبينز ويوجين ديلاكرويكس . 

في نيسان عام 1854م غادر بوغيرو روما واتجه إلى لا روشيل موطنه في فرنسا ، ذهب أيضا إلى بوردو حيث أمضى بعض الوقت مع العائلة، كما عمل على تزيين فيلا لعائلة مولون الثرية، بعد ذلك استقر في باريس، وبمجرد عودته إلى منزله قام باستنساخ جداريات بومبي لشدة إعجابه بها.

كان رفائيل المفضل لبوغيرو وخلال مشاركته في مسابقة روما عمل على استكمال إحدى لوحات رفائيل " انتصار غلاتيا " والذي كان أحد المتطلبات فيها، كان ذلك بمثابة إطراء وثناء كبيرين، وفي العديد من أعماله اتبع نفس النهج الكلاسيكي للتكوين والشكل والموضوع، واعتبرت لوحات بوغيرو للنساء ساحرة جدا لكونها تعكس الأناقة و الفضيلة.

انغمس بوغيرو تماما في النمط الأكاديمي التقليدي وعرضت أعماله في المعارض السنوية في صالون باريس طول فترة حياته العملية، وقد كتب أحد النقاد عنه قائلا
" السيد بوغيرو يمتلك موهبة فطرية وإدراك بمحيط الأشكال، يشغله فن الحركة التعبيرية ( The eurythmie )، وتجدر الإشارة إلى النتائج الطيبة المفرحة التي وصل إليها القدماء وفنانو القرن السادس عشر في هذا المجال، ويمكن للمرء فقط تهنية بوغيرو لمحاولته السير على خطاهم، رفائيل استوحى أعماله من القدماء ولم يتهمه أحد بكونه ليس أصليا".

في عام 1856م كان الخبر السعيد، بوغيرو تزوج ماري نيللي مونشابلون وأنجبا خمسة أطفال لاحقا، وبحلول أواخر الخمسينات كان قد أقام علاقات قوية مع تجار الفنون، ولاسيما مع بول دوراند-راؤول والذي كان واحدا من أوائل تجار الفن الحديث الذين قدموا الدعم لرساميه إضافة إلى المرتبات والمعارض المنفردة، كما ساعد العملاء على شراء لوحات من الفنانين الذين عرضوها في الصالونات، حيث كانت الصالونات تسقطب ما يقارب 300000 شخص سنويا، وبالتالي توفير مبالغ كانت لتدفع على تجهيز المعارض لعرض اللوحات، وبحلول عام 1860م امتدت شهرة بوغيرو إلى انجلترا، ومع دخله المتنامي تمكن من شراء منزل كبير واستديو في مونتبارناس.

وعلى الرغم من أن بوغيرو قضى معظم حياته في باريس، كان مرارا وتكرارا إلى مدينته لاروشيل التي حاز فيها على الإحترام العميق والتقدير، ومنذ أوائل السبعينات قضى بوغيرو وعائلته كل صيف لهم في لاروشيل، وبحلول شهر آب لعام 1882م اشترى منزلا صيفيا فيها يطلع على شارع فيرديير، حيث يبدأ في رسم لوحاته هناك ويكملها في الاستديو الخاص به في باريس. 

كان بوغيرو تقليديا مخلصا وانعكس ذلك في لوحاته التي تناولت العديد من المواضيع، الواقعية، والأسطورية، والتفسيرات الحديثة للمواضيع الكلاسيكية لكل من المسيحية والوثنية على حد سواء، لم يكن أسلوبه تقليديا في أسلوب رسمه وحسب فحتى طرق الرسم الذي استعملها كانت تقليدية بالكامل للعمل على لوحاته بما في ذلك دراسات قلم الرصاص المفصلة واللوحات الزيتية، وأدى أسلوب رسمه الدقيق عن عرض أكثر دقة لتفاصيل الجسم البشري، وله لوحة تركز بشكل خاص على البشرة واليدين والقدمين، كما استخدم في لوحاته بعض الرموز الدينية والمثيرة والذي تمثل في لوحته الابريق المكسور " broken pitcher " التي أشار بها إلى البراءة المفقودة.

بأسلوبه تمكن بوغيرو من صنع عالم مثالي تفيض الحياة به من لوحاته، الآلهة والحوريات والمغسل والرعاة والعذارى هذا هو العالم الذي صنعه والذي وجده العديد من رواد الفن جذابا جدا ومبهرا، ورغم ذلك فكان هناك نقاد قضلوا صدق تصوير جان فرانسوا ميليت الأصيل للمزارعين والعمال الذين يعملون بجد. 

وكانت إحدى مكافآت أسلوبه واختياره للنمط الأكاديمي أنه تمكن من مقابلة لجان تزيين المنازل الخاصة والمباني العامة والكنائس، فأسلوبه في الرسم كان نموذجيا لهذه اللجان، وتمكن من التعاون معهم، أحيانا كان يرسم بأسلوبه الخاص، وفي أحيان أخرى كان عليه التوافق مع نمط المجموعة القائمة على العمل، كلف بوغيرو بالعمل في المنازل والقصور، في المباني العامة والكنائس الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة وأضاف الكثير لسمعته كرسام، كما قدم تخفيضات البيع في لوحاته العامة لروادها، ومن الأمثلة على ذلك لوحة البشارة " (The Annunciation (1888 " ، كما كان رساما ناجحا للصور الشخصية على الرغم من أن معظم لوحاته ما تزال ملكية خاصة في أيدي ورثة أصحابها. 

حصل بوغيرو وبقوة على عضوية شرف الأكاديمة، وأصبح عضوا مدى الحياة فيها عام 1876م، وقبل ذلك بعام كان قد أصبح معلما في أكاديمية جوليان، وهي مؤسسة فنية مختلطة مستقلة عن مدرسة الفنون الجميلة، مع عدم وجود امتحانات قبول للانتساب الذي كان بمقابل مادي بسيط، وفي عام 1885م أصبح قائد وسام جوقة الشرف، كما استخدم تأثير ونفوذه لفتح العديد من المؤسسات الفنية الفرنسية للنساء لأول مرة. 

حياة بوغيرو المليئة بالانجازات لم تكن سعيدة على الدوام فكان وبعد كل نجاح يتقاطع طريقه مع الحزن ليتخطى ذلك ويحقق نجاحا أكبر من سابقه ويعترض الحزن طريقه مجددا، بداية من حصار الألمان لباريس في عام 1870م خلال الحرب الفرنسية البروسية، فتطوع للدفاع عن المتاريس مع أن من في سنه كان معفى من الخدمة العسكرية، وبعد رفع الحصار وبداية الثورة الفرنسية الرابعة توجه إلى مدينته لاروشيل حتى تنتهي الثورة، خلال ذلك الوقت قام بتزيين الكنيسة الرئيسية للأبرشية ورسم لوحة للأسقف توماس، تولى أيضا أعمال الديكور في غراند ثيتر واستمر عمله أربع سنوات، وفي عام 1872م شارك في التحكم والعرض في معرض فيينا العالمي، في تلك الفترة بدت أعماله أكثر شبابا وحيوية حتى أنه صور الأطفال في بعض أعماله.

لم تنتهي قصة مأساة بوغيو ونجاحاته ففي 1775م بدأ العمل مع بعض المساعدين على سقف كنيسة لاروشيل، كما عمل على إنتاج ست لوحات على النحاس، وبمجرد حلول صيف ذلك العام بدأ بأحد أعظم لوحاته الدينية ( Pietà ) وعرضها في صالون 1876م، تخليدا لذكرى ابنه جورج الذي فقدهه في العام السابق، وفي العام ذاته وبناءا على طلب من ويليام الثالث سافر بوغيرو إلىى هولندا حيث قابل الملك الذي أعجب بهذا الفنان، في هذا العام السعيد أيضا كان بوغيرو قد رزق بموريس آخر أبناءه، إلا أنه وفي 1877م عاد الحزن يطرق بابه مجددا وهذه المرة بوفاة زوجته وابنه الرضيع موريس، وفي أيار عام 1878م افتتح معرض باريس العالمي لعرض الأعمال الفرنسية، لإحياء هذا المعرض استعار بوغيور اثنتي عشر لوحة من لوحاته من أصحابها لعرضها في المعرض إلى جانب لوحته وعمله الجديد ( The Nymphaeum ).

وفي عام 1889 تشاجر مع مجموعة الفنانين الذين تجمعوا حول إرنست ميسونير لتنظيم صالون، وكان بوغيرو في ذلك الوقت يشعل أكثر من نزاع مع الجمهور والفنانين وحتى النقاد من حوله لكونه صارما متشددا في أراءه، مما أدى في نهاية الأمر إلى إنشاء الجمعية الوطنية للفنون الجميلة، وفي عام 1891 قام الألمانيون بدعوة الفنانين الفرنسيين لمعرض في برلين، وكان بوغيرو من القلة الذين قُبلوا في المعرض، حيث كان يرى أن الواجب الوطني يقتضي منه الذهاب إلى ألمانيا وغزوها بفرشاته كما غزت فرنسا بالسلاح من قبل، إلا أن ذلك لم يتسبب سوى بإثارة غضب رابطة الوطنيين، وأعلنت الحرب عليه من قبل الصحافة، ومن ناحية أخرى فإن نجاح بوغيرو لاحقا في تنظيم معرض للفنانين الفرنسيين في الأكاديمية الملكية في لندن كان له أثر في إيجاد حدث دائم وسنوي، وفي وقت لاحق وفي سن متقدمة وبحلول عام 1896م تزوج بوغيرو للمرة الثانية من زميلته وتلميذته السابقة الفنانة إليزابيث جين غاردنر بوغيرو.

في عام 1900 شهد بوغيور وفاة رابع أبنائه ابنه بول والذي توفي بعض صراع مع مرض السل الذي أصابه بعد أن أصبح محاميًا وعسكريًّا محترمًا، وقضى بوغيرو الأب معه آخر أيامه في منتون جنوب فرنسا، حيث استمر في الرسم هناك آملا شفاء ابنهمن مرضه، وكان لفقده ابنه آثار سيئة عليه فتدهورت صحته كثير بعد ذلك، وفي عام 1902 ظهرت العلامات الأولى لإصابته بمرض في قلبه، ومع ذلك شعر بالسعادة لرؤية الإشادة بأعماله بإرسالها إلى المعرض العالمي، وحصوله في عام 1903 على شارة الضابط الكبير من وسام جوقة الشرف، كما دعي لحضور احتفالات مرور مئة عام على فيلا ميديشي في روما، وهناك تلقى العديد من الدعوات لتكريمه في مدن أوروبية، ولكن سوء حالته الصحية أجبره على رفضها، ومنعه من الرسم في نهاية المطاف، وعند إحساس بوغيرو بأن النهاية اقتربت انتقل إلى مدينته لا روشيل وفارق الحياة فيها.

في شهر آب لعام 1905م انتهت حياة فنان دامت ما يقارب الثمانين عاما، أنجز خلالها الكثير وكان قد أتم ثمانمئة وستة وعشرين لوحة.

في آخر أيامه قال واصفا حبه للفن
" كل يوم ذهبت فيه إلى الأستديو الخاص بي أمتلئ بالبهجة، وعندما يحل المساء يجبرني الظلام على التوقف، بالكاد يمكنني الإنتظار حتى صباح اليوم التالي، فإذا لم أتمكن من بذل نفسي في سبيل لوحتي فإنني بائس".

Song Of The Angels

( Linnocence ( Innocence
Les Prunes Plums
Fardeau Agreable Not Too Much To Carry

🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨
لوحات ويليام بوغيرو
🎨🎨🎨🎨🎨🎨🎨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق